5 كتب تفضح فساد المؤسسات العسكرية في بلادها

يصنع الحروب رجال لم يذهبوا لحرب قط، يخوضها جنودًا ويخرجون منها مذنبين، دون سبب واضح لخوضهم تلك المعركة يفقدون فيها آدميتهم، يكتبون يومياتهم عن أحداث دامية ضد أكثر المؤسسات تكتمًا وتحفظًا على أسرارها، ليكتب الجنود حول العالم كتبًا تهدد أمن الجيش، وتهدد بقاءهم أحياءً بعد هذا التحدي.

“خطوة إلى الأمام” لويس جونثلو سيجورا

بعد ما شاهده من جميع أنواع الانحرافات بين القيادات العليا, خلال الـ12 عامًا التي قضاها في الخدمة العسكرية, كملازم أول في الجيش الإسباني, قرر لويس جونثلو فضح الوضع علانية من خلال كتابه، واصفًا الانتهاكات في مؤسسة القوات المسلحة، والتي وصفها كدولة موازية وكتومة بالكامل مع المجتمع الإسباني, ووفقًا لكتابه فقد ذكر لويس عن إحدى مهماته في جرد للمعدات المعلوماتية بوجود مخالفات مالية بنسبة 30% أي بمليارات، وعندما حاول الإبلاغ عن ذلك أمام القضاء العسكري قام القاضي بغلق القضية دون مراجعة المعلومات, مع إفصاحه عن صفقات بيع المعدات على الإنترنت، وتبذير المال العام، ووجود فائض كبير في القيادة التي تزيد على عدد الجنود الفقراء بأكثر من 10 آلاف قائد ورثوا مناصبهم، وهو ما أرجعه لويس للحصانة داخل المؤسسة, ورغم ما حققه الكتاب من نجاح حتى طبعته السادسة خلال أربعة أشهر من صدوره، إلا أن لويس الآن مضربًا عن الطعام في السجن العسكري، بعد الحكم عليه بشهرين لتأديبه بسبب كتابه، مع احتمال طرده من الجيش.

الكتاب على موقع جودريدز من هنا 

“الحرب القذرة” حبيب سويدية

عن معاناة أن تكون فردًا في القوات الخاصة أثناء المواجهة، تأتي شهادة الحبيب سويدية وهو مظلي سابق في القوات الخاصة بالجيش الجزائري, شهادة لضابط عاش يومًا بيوم تلك الحرب القذرة التي مزقت الجزائر منذ عام 1992, ليحكي عن التعذيب والإعدامات العرفية، والتي نفذها بنفسه دون أحكام, وآلية عمل الجيش من الداخل، والتقدير الخاطئ للجنرالات لعواقب قراراتهم؛ مما يكشف دمويتهم التي حاولوا نقلها لجنودهم المكرهين على ذلك تحت تأثير المخدرات، وعمليات التطهير الداخلية، وإشراف الجيش بعد انقلاب 1992 العسكري على تركيبة الحكومة والقضاء، والتضليل الإعلامي وصمت وسائل الإعلام، ومن ثم المجتمع الدولي بعد التعتيم على ما يحدث بالجزائر, ليأتي هذا الكتاب بالحكم على الحبيب بالسجن 20 عامًا فور صدوره، الذي حقق المبيعات الأعلى بفرنسا والجزائر.

الكتاب على موقع جودريدز من هنا 

كسر الصمت: شهادة 180 ضابط وجندي إسرائيلي

الكتاب الصادر عن المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية “كسر الصمت”, وهي المنظمة التي سبق ونشرت شهادات وأشرطة وصورًا عن عمليات تعذيب الفلسطينيين على أيدي الجنود الإسرائيليين, لتصدر كتابًا بنفس الاسم يروي فيه جنود إسرائيليون سابقون مهماتهم في الضفة الغربية وغزة، منذ عام 2000 وحتى 2009. يكشفون فيه عن هوياتهم مطلقين الجدل حول أداء الجيش الإسرائيلي والكليشيهات العديدة حول الفلسطينيين في رؤوس الإسرائيليين، والتي أدت لارتكابهم ممارسات عمياء، كأن يقتلون المسحراتي كل رمضان في كل الشوارع فور أن يقرع طبلته دون إنذاره, وفي أحد أجزاء الكتاب يروون كيف كان الجيش يخدم مصالح المستوطنين على حساب السكان الفلسطينيين، ومهاجمة المستوطنين لهم دون تدخل الجيش، وكيف كانوا يلاحقون المدنيين الفلسطينيين العزل، ويقومون بتصفيتهم قبل أن يستطيعوا الوصول للملاجئ، وتفخيخهم للمنازل، وإخراج العائلات من بيوتها عنوة دون أن يعرفوا السبب.

“كانوا جنودًا” آن جونز

أمضى جونز الوقت الأكبر من عمله كصحفي مستقل في أفغانستان، يهتم بحقوق الإنسان ويدون أبحاثًا بشأن إساءة معاملة النساء، ويحكي في كتابه عن حال العائدين من الحرب الأمريكية في أفغانستان، وينقل شهاداتهم وهم يروون فظائع الحرب بعدما أدمن معظمهم الخمر لينسوا ذنوبهم, فبين الجنود والأطباء والممرضات يعاني الكثير من نوع آخر من الاعتداء, من صدمة الحرب, وسط رفض الثقافة العسكرية الاعتراف بإتلافها نفوسهم، لينتهوا ضحايا كالمدنيين الأفغان, ومن أكبر قاعدة أمريكية بأفغانستان أمضى جونز عامًا في المستشفيات، يشاهد جثث جنود مزقتها العبوات الناسفة مسجلاً 800 عملية بتر لأعضاء، لتكتب الصحف الأمريكية عن جنود يركبون الدراجات ويمارسون رياضة التزلج بساقين جديدتين من إنتاج الدولة، وكأنهم يشترون زوجًا من الأحذية، وتصورهم الدولة أبطالاً، بينما هم تروس آلاتها يملؤهم بالرصاص.

الكتاب على موقع جودريدز من هنا 

“رينجر في الحرب مع النخبة” توماس راثساك

وهو الكتاب الذي تسبب في عزل الكاتب والعسكري توماس راثساك، واستقالة رئيس هيئة الأركان الدانماركية الجنرال تيم سلوث يورغنسن، بعدما فضح توماس العمليات العسكرية والمهمات الخاصة التي قام بها كمقاتل، وآلية عمل القوات الدانماركية مع القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق؛ مما أدى لتوجيه الاتهام لمستشار وزير الدفاع بتسريب معلومات حول إرسال الدانمارك قوات المهمات الخاصة إلى العراق 2007, وقد أقام الجيش دعوى ضد الكتاب لإضراره بأمن الجيش، والتي سقطت لعدم جدواها بعدما نشرت صحيفة البوليتيكن الكتاب كملحق لها، ونشره على ويكيليكس متضمنًا المخالفات القانونية الدولية التي قامت بها القوات الخاصة الدانماركية في الحرب.

المصادر

مترجم: ردًا على «فريد زكريا»: بإمكان السعودية أن تحصل على قنبلة نووية، فقط إذا أرادت ذلك

لماذا نعتقد أنه من الصعب جدًا أن تحصل دولة غير أوروبية على تكنولوجيا يبلغ عمرها 70 عامًا؟

كتب فريد زكريا مقالًا مثيرًا ]يمكنك قراءة ترجمته من هنا على «ساسة بوست»[ يتوقَّع فيه أن أيًا كان ما يقوله المحللون، فإن الرياض ببساطة أكثر تخلفًا بكثير من أن تتمكن من الحصول على سلاح نووي. «مهما يكن ما سيحدث مع برنامج إيران النووي، فإنه بعد عشر أعوام من الآن، لن يكون لدى السعودية أسلحة نووية، لأنها ببساطة لا تستطيع أن تمتلكها.» هكذا كتب زكريا

لكنّني أظنُّ أنه من المحتمل بشدة أن تختار السعودية الحصول على أسلحة نووية، بل وأعتقد أنه لخطأ كبير أن نستنتج أن السعودية – أو أي دولة – لن تتمكن من إنتاج مثل هذه الأسلحة. زكريا مخطئٌ؛ وليس من الصعب أن أشرح لماذا.

لا يذكر فريد بوضوح تصوراته عن المتطلبات التقنية لبناء مفاعل نووي، لكن يبدو أنه يعتقد أنّ الأمر بالغ الصعوبة؛ كان الأمر كذلك بالفعل عام 1945، عندما قامت الولايات المتحدة بتجربة قنبلتين نوويتين. منذ ذلك الحين، فإن التقنيات المرتبطة بإنتاج البلوتونيوم واليورانيوم العالي التخصيب قد تم تطويرها بشدة واستخدامها لأغراض مدنيّة في شتّى بقاع العالم. لماذا إذًا لا تمتلك معظم دول العالم أسلحة نووية؟ الأمر مرتبط بالمعاهدات والالتزام بها، وليس بعدم القدرة على فعل ذلك.

استدلالات زكريا بخصوص عدم قدرة المملكة العربية السعودية على تطوير أسلحة نووية سطحية للغاية؛ إذ ترتكز بشكل أساسي على حجّتين: الأولى أن السعودية ينقصها حتى صناعة محلية للسيارات، والثانية أن نظام التعليم السعودي يقع في ترتيب سيء بخصوص جودة تعليم مواد مثل الرياضيات والعلوم.

أولًا: إنتاج السيارات أو عدمه ليس أفضل مؤشر لقياس قدرة دولة على تطوير سلاح نووي.

في الواقع ثمة تقنيات مختلفة تمامًا لكل من الصناعتين. الهند، باكستان بل وحتى كوريا الشمالية نجحوا في بناء مفاعلات نووية على الرغم من عدم امتلاكهم لصناعة سيارات محلية متميزة. الروس أيضًا يصنعون أسلحة نووية متطورة، لكن سياراتهم سيئة السمعة في ما يخص جودتها.

لكن على أي حال، فإن السعودية قد بدأت بالفعل الاستثمار في صناعة محلية للسيارات. تأمل وزارة التجارة والصناعة السعودية أن تكون السيارة السعودية الأولىMeeya  متاحة بالأسواق بحلول عام 2017.

الأهم من ذلك، السعودية تستثمر في التكنولوجيا النووية للأغراض المدنية. “أين سيدرب السعوديون علماءهم على العمل على برنامجهم السري؟” يتساءل زكريا. حسنًا، لا أعرف، ما رأيكم بمدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والطاقة المتجددة؟ لم يذكر زكريا أبدًا أن السعودية تبني مدينة متخصصة لتدريب العلماء النوويين. لا أستطيع التنبؤ إذا كانت هذه الاستثمارات ستؤتي ثمارها، لكن زكريا لا يستطيع كذلك، هذا إذا كان يعرف بالأساس عن وجود المدينة.

ثانيًا: تقع السعودية في المرتبة الـ 73 في جودة تعليم مواد الرياضيات والعلوم، طبقًا لدراسة المنتدى الاقتصادي العالمي.

«هو ترتيب منخفض للغاية بالنسبة لدولة غنية. إيران، على الرغم من 36 عامًا من العقوبات الاقتصادية وناتج محلي أقل كثيرًا للفرد الواحد، تقع في مرتبة أفضل بكثير وهي 44.» يقول زكريا.

منخفض للغاية بالنسبة لدولة غنية؟ ربما. لكن بالنسبة لدولة تمتلك سلاحًا نوويًا؟ ليس تمامًا. لنفعل إذًا ما كان يجب على زكريا أن يفعله ونرسم جدولًا صغيرًا باستخدام معلوماته هو. تجدون تاليًا قائمة بترتيب مجموعة من الدول بمقارنة جودة أنظمتها التعليمية في مواد الرياضيات والعلوم – الدول بخط ثقيل (bold) تمتلك بالفعل أسلحة نووية -. مرة أخرى، هو من استخدم هذا المعيار لتحليله، لا تلوموني!

  • 17- فرنسا
  • 44- إيران
  • 51- الولايات المتحدة
  • 56- الصين
  • 59- روسيا
  • 63- المملكة المتحدة
  • 67- الهند
  • 73- السعودية
  • 79- إسرائيل
  • 104- باكستان
  • 125- ليبيا
  • 144- جنوب إفريقيا

باستخدام معيار زكريا نفسه في القياس، فإنه من الصعب للغاية استنتاج أن السعودية لا تستطيع الحصول على سلاح نووي مقارنة بالدول الأخرى التي حصلت عليه بالفعل.

كما أنه حتى في هذا الجدول، فأنا أفضل أيضًا استخدام بعض المعلومات التاريخية. أشك بقوة أن الصين والهند كانتا على نفس هذا المستوى في التعليم الخاص بمادتي الرياضيات والعلوم إبان الفترة بين 1964 و 1974 حينما قامتا بإجراء تجاربهم النووية الأولى. الأمر ببساطة أنك لست بحاجة لأن تكون دولة غنية، أو أن تمتلك نظامًا تعليميًا ممتازًا، لتطور قنبلة نووية.

هل ذكرتُ أيضًا أننا احتفلنا بالفعل بالذكرى الـ 70 للانفجار النووي الأول، «تجربة ترينتي»؟ سبعون عامًا، أي تكنولوجيا أخرى عمرها 70 عامًا تظنون أنها مازالت مستحيلة بالنسبة للدول غير الأوروبية؟ هل تعلمون ماذا أيضًا تم اختراعه منذ 70 عامًا؟ أفران الميكروويف، الأدوات الموسيقية الإلكترونية والقيثارات.

أنا لا أعني بكلمة «تمتلك» مجرد شراء الأسلحة النووية، أوافق زكريا أن هذه فكرة سخيفة. كما لا أعني شراء التكنولوجيا بأكملها حيث نضغط فقط على زر ما ثم نحصل على البولوتونيوم -كما حدث بين سوريا وكوريا الشمالية – أو ننتج اليورانيوم عالي التخصيب – كما حدث بين ليبيا وباكستان – لا، أنا أعني صناعة القنبلة من الصفر تمامًا. الماكينات والمكونات اللازمة لتطوير أسلحة السبعينيات متوافرة بكثرة الآن. مثالي المفضل بهذا الخصوص هو ما فعلته شبكة خان لبناء مفاعلها النووي الأول، حيث استخدمت ماكينات مستعملة من شركة Denn. إذا تصفحتم موقعهم الإلكتروني، سيخبرونكم بالمجالات التي يمكن فيها استخدام ماكيناتهم، كل شيء تقريبًا، من التسليح وحتى المطبخ.

كانت الولايات المتحددة متشككة تمامًا بخصوص قدرة باكستان على بناء محطات الطرد المركزي في السبعينيات بسبب البنية التحتية الصناعية المتواضعة للبلاد. ما لم يفهمه المحللون الأمريكيون آنذاك، أن البنية التحتية الصناعية بالنسبة لهم – وبالنسبة لأي دولة – هي العالم بأسره. ليس هناك سبب لنظن أن عبدالقدير خان عانى كثيرًا من مشكلة البنية التحتية، ببساطة تصفح موقع علي بابا، الموقع الصيني الشهير للتسوق الإلكتروني.

إضافة إلى ذلك، فإن الدولة المنتجة ليست بحاجة لامتلاك أكثر أجهزة الطرد المركزي تطورًا. عندما كان مفتشو الأمم المتحدة يبحثون في بقايا البرنامج النووي العراقي في بداية التسعينيات، اكتشفوا شيئًا مدهشًا: «كاليترونز». هي تكنولوجيا لتخصيب اليورانيوم عفا عليها الزمن، ولم يعد أحد يستخدمها بعد الحرب العاليمة الثانية. لم تكن هذه التكنولوجيات ذات كفاءة عالية بالتأكيد، لكنها كانت جيدة بما يكفي لصناعة اليورانيوم عالي التخصيب الذي طورت به القنبلة الصغيرة التي دمرت هيروشيما.

بصراحة نحن محظوظون لأن الأسلحة النووية لم تنتشر بسرعة انتشار تكنولوجيا تصنيعها. بعض النجاح في منع الانتشار النووي عائد لفرض العقوبات ووضع ضوابط على التصدير، وكذلك الضربات الجوية بين الحين والآخر.

إذا كنت ستسأل محللًا سياسيًا عمّا إذا كان منع الانتشار النووي ناجحًا اليوم أم لا، فإنك غالبًا ستستمع منه تحذير جون كنيدي الشهير: «إنني أرى احتمالية أن يكون على رئيس الولايات المتحدة في السبعينيات أن يتعامل مع عالم تمتلك فيه 20 أو 25 دولة هذه الأسلحة.»

هذا لم يحدث، والفضل يعود إلى معاهدة منع الانتشار النووي عام 1970. لنلقي نظرة على الدول التي كان كينيدي يتوقع أن تكون ضمن الدول التي ستطور أسلحة نووية. تقديرات كنيدي كانت مبنية على ورقة سرية مقدمة عام 1963 من وزير الدفاع روبرات مانكمارا، رفعت السرية عن الورقة الآن، هذا هو الرسم البياني الذي يوضح ورقة ماكنمارا.

انظروا إلى هذه الأسماء، إنها ليست الدول المارقة، ولكن قائمة البلدان الصناعية نسبيًا في العالم، بالإضافة إلى عدد قليل من القوى الإقليمية النامية مثل الصين والجمهورية العربية المتحدة. (الجمهورية العربية المتحدة كانت اتحادًا سياسيًا قصيرًا بين مصر وسوريا.)

كان الافتراض الذي كتبت به الورقة أن أي دولة ترغب في تطوير السلاح النووي فإنها غالبًا ستتمكن من ذلك. هذا لأنه ما قبل معاهدة حظر الانتشار النووي، فإن الأسلحة النووية كان ينظر لها من قبل معظم الناس على أنها مجرد أسلحة، جزء من ترسانة أي جيش حديث في المستقبل. في الواقع كل البلاد التي لا تنتمي لحلف وارسو في هذه القائمة عملت بشكل جاد على برامج لتطوير أسلحة نووية. أستراليا والسويد وسويسرا كلها دول كانت لديها برامج تسليح نووي طموحة.

معاهدة حظر الانتشار النووي ساعدت في إيقاف هذه البرامج. في حالة أستراليا، كتب جيم والش عن الدور الذي لعبته معاهدة حظر الانتشار في تقييد الطموحات النووية لأستراليا. المعاهدات ضرورية للغاية. ببساطة من غير الممكن الحفاظ على النظام العالمي مع وجود الطموحات التكنولوجية والعسكرية. النظام العالمي يعتمد على الغالبية العظمى من الدول والتي تختار الامتثال، لتسمح للمجتمع الدولي أن يفرغ جهوده للتركيز على عدد صغير من الحالات الصعبة مثل كوريا الشمالية وإيران.

معاهدة حظر الانتشار النووي تستطيع أن تكون فاعلة فقط من خلال دعم تلك الدول التي تستطيع أن تطور الأسلحة النووية لكنها تختار ألا تفعل ذلك، مثل السعودية. السعوديون قلقون بالتأكيد من احتمالية حصول إيران على السلاح النووي. بينما أظن أن الكثير من الحديث عن امتلاك السعودية للتكنولوجيا النووية يهدف إلى جعل الولايات المتحدة تركز على المخاوف الأمنية للسعودية، فإن الاستهزاء بالنظام التعليمي السعودي والتشكيك في قدرتهم على امتلاك سلاح نووي، لا يساعد في طرد مخاوف الرياض.

بدلًا من هذا، نحتاج للتركيز على أن منع الانتشار النووي يطبق على الآخرين كما يطبق على السعودية. هذا يعني تكثيف المشاورات بخصوص قضايا الدفاع الإقلميية ومعاهدات أمنية موسعة، والأهم تجنب القنبلة الإيرانية عن طريق الوصول إلى تسوية شاملة. قد يكسب فريد رهانه بأن السعودية لن تمتلك سلاحًا نوويًا خلال 10 أعوام، لكن ليس لأنهم لا يستطيعون. إذا كسب فريد رهانه، سيكون هذا بسبب أن الولايات المتحدة والقوى الأخرى تمكنوا بنجاح من معالجة مسألة البرنامج النووي الإيراني وقضايا الأمن الإقليمية الأخرى التي من شأنها دفع الرياض نحو إنتاج القنبلة. ومن يدري، ربما في غضون أعومٍ عشر، سنقود جميعًا سيارات Meeya  السعودية.

مترجم عنSorry, Fareed: Saudi Arabia Can Build a Bomb Any Damn Time It Wants Toللكاتب JEFFREY LEWIS

لماذا تفشل خطة إيران في سوريا؟

”طرطوس“ هي ثاني أكبر الموانئ في سوريا، لا يطغى على مكانتها فقط إلا ميناء اللاذقية.

تقع على سهل ساحلي في البلاد، وكلا الميناءين يقعان ضمن النواة الجغرافية الخاضعة لسيطرة الأقلية العلوية في سوريا، والمعروفة في الأصل باسم «النصيرية». وقد ترسخت أقدامهم على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​تحت سلالة الشيعية الحمدانية. ومع سقوط هذه الأسرة، صار العلويون أقلية محطمة تعرضت للاضطهاد من قبل الصليبيين المسيحيين، وسلطنة السنة المماليك، إضافة إلى الدولة العثمانية.

استعمل النظام الاستعماري الفرنسي الأقلية العلوية ووفر لهم ميزات تفضيلية من أجل الموازنة ضد الأغلبية السنية ومناصريها من العثمانيين. وبعد الاستقلال، جعل هذا الموقع المتميز العلويين هدفا لأعمال انتقامية من قبل الحكومة الجديدة. ومع ذلك، استطاع العلوين استعادة تأثيرهم بحلول عام 1960 بسبب وجودهم في الجيش ودعمهم لحركة البعث. في عام 1971، وبعد فترة مضطربة من الانقلابات والانقلابات المضادة، استطاع وزير الدفاع «حافظ الأسد» السيطرة على الحكومة الحكومة. وبقي العلويون في السلطة من حينها وحتى وفاة «حافظ الأسد» عام 2000، قبل أن يخلفه ابنه «بشار الأسد».

واليوم، تبدو مدينة طرطوس قاتمة. وشهدت تركيا 4 سنوات من حرب أهلية شرسة منذ عام 2011. ورغم أن حكومة «بشار الأسد» تمكنت من البقاء على قيد الحياة إلا أنها تخوض معركة وجودية مع مجموعة من قوات المتمردين، بما في ذلك «الدولة الإسلامية».

مرارا وتكرارا، اضطرت الحكومة إلى التراجع والتترس لحماية نواتها حول السواحل العلوية والعاصمة دمشق. ويبدو الآن أن فترة صعود الطائفة العلوية وحدها دون منازع تتجه إلى نهاية غامضة.

خلال الأيام الأولى لانتفاضة عام 2011 ضد حكم «الأسد»، خرج العلويون إلى الشوارع للدفاع عنه وهم يهتفون «الأسد ، أو سنلقي بالبلاد في شفير النار»، هدد العلويون من مؤيدي «الأسد» أنهم سيدمرون البلاد بأنفسهم إذا لم يبق «الأسد» رئيسا. الآن مجموعة من الجماعات المتمردة تهدد فعليا بقاء نظام «الأسد». وبالرغم من أن الحكومة لا تزال تبدو متماكسة، إلا أن تهديدات العلويين بتدمير البلاد لا تبدو الآن أكثر من نداءات جوفاء.

بعد 4 سنوات من الصراع الكارثي، صار العلويون في طرطوس محبطين، بسبب ما يعانونه من خسائر بشرية هائلة. أكثر من 70 ألفا من الجنود العلويين الشباب لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 120 ألفا آخرين. وأكثر من 10 آلاف يصنفون في عداد المفقودين. هذه الأرقام لا تشمل حتى القوات الموالية للحكومة من غير العلويين في طرطوس. وتعرف طرطوس الآن باسم «أم الشهداء». ثلث الضحايا الموالين للأسد يأتون من المدينة، حيث ملصقات الجنود الذين سقطوا قتلى تغطي الجدران في كل مكان.

داخل المدينة، هناك إدراك متزايد بأن الرئيس السوري «بشار الأسد» عازم على البقاء في السلطة مهما كان عدد الوفيات من العلويين التي تستلزم بقاءه. أما العلويون الذين تفاخروا في عام 2011 بدعمهم لـ«آل الأسد»، فقد تغيرت نبرتهم الآن إلى التهديد بشكل متناقض تماما: «إن شاء الله سنشهد جنازات أبنائكم»، كما يقولون.

العلويون يشعرون أيضا بتخلي الأقليات الأخرى عنهم، والتي لا تبدو على استعداد لإرسال شبابها للقتال أو الموت. هذا الأمر من الأهمية بمكان، فعلى مدار تاريخ سوريا دائما ما كانت الأقليات تتحد في وجه الغالبية السنية التي تمثل ثلاثة أرباع السكان في معاركهم ضد المتمردين، من الدروز والمسيحيين والإسماعيليين وميليشيات الدفاع الوطني الشيعية السورية. العلويون يشعرون الآن أنهم يقاتلون ويموتون وحدهم.

في طرطوس، تحولت جنازات الجنود الذين يسقطون إلى مواكب للغضب. تستقبل طرطوس 20 جثة على الأقل كل يوم. في أوقات القتال الأكثر كثافة، يرتفع هذا العدد في كثير من الأحيان إلى أكثر من ثمانين. النظام السوري، وخوفا من أن كل واحد من هؤلاء القتلى يمكن أن يسبب ضجة هائلة، فإنه لا يسمح بإطلاق سراح أكثر من خمس جثث لعائلاتهم في كل يوم. تبدو العملية بطيئة بشكل مؤلم. فقط بعد تتلقى أي عائلة رفات أقاربهم وتغادر المستشفى يمكن السماح للأسرة المقبلة بالدخول. غالبا ما تنتظر العائلات قرابة عشرة أيام لاسترداد جثامين ذويهم.

في خضم هذه الدماء المسفوكة، وصل العديد من العلويين إلى استنتاج مفاده أن النظام لن يمكنه كسب الحرب. أحد الأشخاص قال لي: « لقد فشل النظام لدينا، وتسببت سياساته العشوائية في ظهور الدولة الإسلامية».

كانت نقطة التحول بالنسبة لهم في سبتمبر/أيلول 2014 هي هزيمة النظام في قاعدة «الطبقة» الجوية. حيث قتل مسلحو «الدولة الإسلامية» مئات من الجنود العلويين بينما فشل النظام في إنقاذهم. العائلات لم تعد تريد إرسال شبابها للمشاركة في ما يعتبرونه حربا انتحارية. الشباب يهربون إلى الجبال أو إلى لبنان لتجنب التجنيد، أو يفرون عبر البحر إلى مدينة مرسين التركية متى كان بإمكانهم ذلك، أو ربما يحاولون دخول الاتحاد الأوربي بشكل غير قانوني. بينما يحاول النظام أن يعوض الجنود الذين فقدهم من خلال التجنيد القسري للشباب الذين يفترض أن يكونوا معفيين أو مؤجلين من الخدمة العسكرية.

على الرغم من أن الناس في طرطوس لا يزالون يعانون ويستمر أبناؤهم في الموت، إلا أنه وفي نهاية الحرب أيا كانت نتائجها سيخبر العلويون المدى الحقيقي للكارثة. أما الآن، فإن الوضع غير مستقر. فشلت المعارضة السورية حتى الآن في معالجة وضع الطائفة العلوية في مرحلة ما بعد سوريا «الأسد». وحتى لو تم تحديد ذلك بشكل واضح، فإن العلويين لا يمكنهم ببساطة الانضمام إلى الجيش السوري الحر لأن السنة لا يثقون بهم. وإذا قرر العلويون إيقاف قتالهم من أجل «الأسد» فإن نظامه سوف يسحقهم. فتهديد يأتي من داخل أرضه الأساسية ونواته الصلبة هو آخر ما يمكن للأسد أن يتحمله في الوقت الراهن.

بالنسبة للناس في طرطوس اليوم، الخيارات المتاحة صارت أقل كثيرا من ذي قبل. وهم، وفي كل يوم يستقبلون فيه المزيد من الجثث، مضطرين للتعامل مع حقيقة وضعهم الهش.

المصدر | ستراتفور

تسوية الصراع في الشرق الأوسط ستجلب أرباحًا طائلة للفلسطينيين والإسرائيليين

أصدرت مؤسسة راند مؤخرًا دراسة تؤكد أنه حال تطبيق حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووضع حد للصراع الممتد منذ عقود، فإن اقتصاد البلدين سيتمتع بأرباح تزيد على 173 مليار دولار خلال عشر سنوات.

يقول واضعو التقرير إنهم أجبروا على خفض مستوى تفاؤلهم والاعتراف بأن تعريفهم للوضع السائد قد انقلب بتعمق حدة الصراع أثناء قيامهم بالبحث:

«إن الواقع الذي يتطور يحتمل أن يكون مزيجًا من بعض وجهات النظر الخاصة بكافة السيناريوهات المقدمة هنا. على سبيل المثال، حرب غزة الأخيرة في صيف 2014، والاتهامات المتبادلة لاحقًا، والتحركات الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة ووكالاتها، وردود الفعل العقابية من ابتعاد إسرائيل عما وصفناه في الأصل باتجاهات حالية ويبدو أقرب إلى سيناريو اللاعنف».

لقد كان ذلك مجرد أحدث تذكير للتداعيات الأوسع، للتكاليف التراكمية المحسوبة وغير المحسوبة، لهذا الصراع. وقد صدر تقرير آخر بعد تقرير مؤسسة راند، فقد أصدرت المحكمة العليا الأميركية حكمًا يمنح الرئيس حصرًا حق الاعتراف بالحكومات الأجنبية. وقد بُني الحكم على أساس قضية ميناتشم زيفوتوفوسكي، مواطن أميركي وُلد في القدس والذي رفع والداه دعوة قضائية حتى يُسمح لهم بكتابة “القدس” بوصفها محل ميلاد في جواز السفر الأميركي.

في عام 2002، أقر الكونغرس الأميركي قانونًا مع بند يسمح للأميركيين المولودين في القدس بوضعها في خانة محل الميلاد في جوازات السفر وشهادات الميلاد. وقد وقع جوش بوش على القانون، ولكنه رفض أيضًا تطبيق تلك المادة، وقد سعت عائلة زيفوتوفوسكي إلى إنفاذها.

حافظ المسئولون الأميركيون على فكرة أن السيادة على القدس لا بد أن تتحدد عبر المفاوضات، وأن السماح لإسرائيل بالسيطرة على أي جزء في المدينة محل النزاع سيتداخل مع قدرة أميركا على إدارة الصراع. وقد أشار غاريت إبس إلى رفض المحكمة العليا للالتماس الذي قدمته عائلة زيفوتوفوسكي، وأكدت أن للرئيس «السلطة الحصرية لتحديد أي البلاد التي يجري بناء علاقات معها، وأي الحكومات تعتبر شرعية، وأي مطالبات الاستحواذ على الأراضي التي يتم الموافقة عليها».

يتصل النزاع القائم أمام المحكمة العليا بنزاع آخر يخص شهادات وفاة. قدمت عائلة زيفوتوفوسكي، كدليل داعم لقضيتهم، شهادة وفاة مايرون فريدمان، وهو مواطن أميركي توفي في القدس عام 2002، والذي سُجل مكان وفاته من قبل مسئولي القنصلية الأميركية في «القدس، إسرائيل». كانت ابنة فريدمان، وندي سرلين، هي من أمدت عائلة زيفوتوفسكي بالوثيقة. ولكن بعد أن قدمت العائلة الشهادة، حدث شيء غريب.

«بعد حوالي ثلاثة أشهر تقريبًا، أرسلت السفارة الأميركية في تل أبيب إلى سرلين رسالة تبلغها أنهم يأملون بتصحيح خطأ إداري يخص محل وفاة والدها»، حسبما نقلت صحيفة جيروزاليم بوست في العام 2006. وأضافت الصحيفة «أُرفق مع الرسالة 10 نسخ أصلية لتقرير الوفاة الخاص بأبيها، والتي أدرجت جميعها محل الوفاة على أنه مدينة القدس، مع ترك خانة الدولة فارغة».

وعلى ما يبدو فإن تداعيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يظل دون حل تمتد من أرباح اقتصادية محتملة بمليارات الدولارات وحتى الصراع على تنفيذ السياسة الخارجية الأميركية، بل وحتى إلى التفاصيل الدقيقة لتقارير الوفاة. في عام 2012، وفي الذكرى العاشرة للتفجير الانتحاري الذي طال الجامعة العبرية في القدس، تحدثت كاثرين بيكر إلى صحيفة هآرتس بشأن الألم الذي شعرت به نتيجة التسمية الغامضة لمكان الوفاة الذي سُجل على شهادة الوفاة الخاصة بابنها بنجامين، وهو أميركي لقي حتفه في الهجوم:

«يبدو الأمر ثانويًا للغاية، لكنه يؤرقني في مثل هذا الوقت من كل عام. تذكر شهادة الوفاة الخاصة ببنجامين أنه قد توفي في القدس، مع ترك خانة الدولة فارغة. حيث ترفض الولايات المتحدة كتابة أنه مات في القدس في إسرائيل. اعترفت الولايات المتحدة بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، لذا، فليوثقوا ذلك، لأن ابني مات في إسرائيل».

مترجم عنJerusalem, Blank

معنى جديد للقومية يتشكَّل في السعودية

يمكن تعريف القومية السعودية بأنها فكرة لهوية واحدة تعمل بمثابة الغراء الاجتماعي عبر الانقسامات داخل المملكة. المؤرخ السعودي، عبد الله عثيمين، قال عن القومية ما هو أفضل: «في الدائرة الأولى، أنا أحد أبناء شبه الجزيرة العربية. اتَّحدت مناطق شبه الجزيرة تحت المملكة. ومن هنا، أنا سعودي».

الحجاز، ونجد، والمنطقة الشرقية تمثل الشُعب الجغرافية الأساسية، وتعتبر نجد مهد القومية السعودية، حيث إنها لم تكن خاضعة للاحتلال الأجنبي.

على المستوى الجزئي، بطبيعة الحال، تنقسم المكونات السعودية ليس فقط بالبلدة والمدينة ولكن أيضًا عن طريق القبيلة. ما يوحد بينها هو المثالية ولكونها «سعودية». يميز هذا كل شيء، بدءًا من التلفزيون إلى الخطب، إلى الشغف بكرة القدم. السعودة في حد ذاتها هي شيء آخر، وآلية موحدة أكثر حداثة. في عهد الملك سلمان، يعد إنشاء وزارة تعليم مُهيمنة هو جزء من خطة لغرس ورعاية وتعزيز الهوية السعودية.

في هذه المرحلة من الزمن، عندما تواجه المملكة التهديدات المختلفة، بما في ذلك من أعمال انتقامية للحوثيين في الجنوب لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في الشرق، تأخذ القومية معنىً جديدًا.

منذ أن شن التحالف الذي تقوده السعودية- عملياته في اليمن في أواخر شهر مارس، دعا مفتي المملكة، عبد العزيز آل الشيخ، إلى الدعم الوطني والتجنيد. وهذا أمر مهم لأنها هي عائلة آل الشيخ، المترجم الرسمي للوهابية، التي توفر الأساس الديني للقومية العربية السعودية.

هجمات داعش ضد الشيعة في المنطقة الشرقية تجعل من الوحدة الوطنية أمرًا أكثر أهمية. ولكن الشيعة والإسماعيليين لا يُنظر إليهم على أنهم جزء من المجتمع الوهابي القاعدي، ولا كمتطرفين سلفيين. بعض رجال الدين السعوديين تحدثوا علانية عما إذا كان الشيعة مسلمين حقًا أم لا.

بعض مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعي يربطون بين الشيعة السعوديين وإيران باستخدام متكرر ومتبادل لمصطلح “الصفوية”، أحد السلالات الهامة الحاكمة في بلاد فارس. في كثير من الأحيان، يسعى رجال الدين ومستخدمو وسائل الإعلام الاجتماعي إلى «تنقية» القومية السعودية من المجوس، وهو مصطلح تحقيري للفرس.

وبالتالي، ومع الهجمات الأخيرة على المساجد الشيعية، هل تواجه القومية السعودية تهديدًا جديدًا لوئامها وسردها الموحد؟

أكبر الصدمات التي شكلت تحديًا للوحدة والهوية، تعود إلى 60 عامًا. بداية، جاءت جماعة الإخوان المسلمين وما ارتبط بها من القومية العربية. ثم حصار المسجد الحرام في مكة من قبل جهيمان العتيبي عام 1979. عانت المملكة لسنوات من التبعات. تبع ذلك الصحوة الإسلامية، التي هزت البلاد في الصميم. في عام 2003، شرع تنظيم القاعدة في أعمال عنف ومحاولات اغتيال. في كل حالة، استخدم حكام آل سعود قوتهم وهيبتهم لتعزيز القومية.

غدت المهرجانات وسيلة جيدة للقيام بذلك. على سبيل المثال، مهرجان الجنادرية، الذي بدأ في عهد الملك عبد الله في عام 1985 من قبل الحرس الوطني السعودي لعرض الهويات القبلية من خلال التراث، رقصات السيوف وسباقات الهجن والخيل. كان الجنادرية بلا شك فرصة لفرض الشعور بالوحدة الدينية والوطنية والاجتماعية. أصبح الاحتفال السنوي الآن جنبًا إلى جنب مع اليوم الوطني، والذي بدأ في في عام 2005، وهو وقت للاحتفال بالثقافة والتراث، مع مدن مزينة باللون الأخضر والأبيض.

ومن الجدير بالذكر أن داعش عندما تحملت المسؤولية عن الهجمات الانتحارية التي استهدفت المساجد الشيعية في القطيف والدمام، استخدمت مصطلح «ولاية نجد»، الذي يشير إلى أن تنظيم الدولة يسيطرعلى نجد. كانت التفجيرات تحديًا مباشرًا لسلطة آل سعود، وبالتالي، فهي تهديد مباشر لما يشكل القومية والهوية السعودية. ربما تعلم داعش بأن زعمها السيطرة على نجد، فإن بإمكانها أن تبدأ في إزاحة آل سعود من المملكة العربية السعودية. هذا هو السبب الذي دفعها إلى القول بأنها تخطط لاحتلال الجزء الشمالي من المملكة بحلول عام 2019.

قد يقول البعض إن داعش تستخدم ما يمكن تسميته محافظة افتراضية لاغتصاب نجد، أساس القومية السعودية. وهذا تطور خطير وتحدٍ من قبل تنظيم الدولة البارع في توظيف شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما من شأنه أن يعزز من عمليات التجنيد داخل حدود المملكة.

وحتى مع ذلك، قد تجد داعش خطتها الجارية أصعب مما كانت تعتقد. في أعقاب تفجيرات المنطقة الشرقية، ثمة استجابة متناسقة بغض النظرعن العقيدة. الشيعة والآخرون عملوا سويًّا للحيلولة دون مزيد من الهجمات.

إلى الجنوب، يمكن أيضًا أن يُنظر إلى نقطة تجمع في الرد السعودي على هجمات الحوثيين عبر الحدود، بما في ذلك صواريخ سكود التي تستهدف المحافظات الجنوبية وأهدافًا عسكرية محددة، بما في ذلك القاعدة الجوية بخميس مشيط. انعكست ملامح هذه الاستجابة في انتشار صور القيادة الرسمية والزخارف الأخرى للهوية الوطنية والتضامن في محافظات نجران وجيزان وعسير.

على الرغم من أن فكرة القومية ليست جديدة، فقد أصبحت من الأهمية بمكان الآن. الملك وخلفاؤه – ولي العهد الأمير محمد بن نايف ونائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- من المؤكد أنهم سيدعمون جدول الأعمال الوطني.

مترجم عنNationalism is taking on a new meaning in SaudiللكاتبTheodore Karasik

تحالف إسرائيل السري مع دول الخليج العربي يخرج للعلن

في عام 2009، قدمت وثيقة دبلوماسية خاصة بوزارة الخارجية الامريكية أحد اللمحات الأولى للتحالف المزدهر بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي. نقلت الوثيقة عن المسؤول إسرائيلي بوزارة الخارجية ياكوف هداس قوله: “تؤمن دول الخليج العربي بدور إسرائيل بسبب تصورهم لعلاقة إسرائيل الوثيقة مع الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي “تعتقد إن إسرائيل يمكنها أن تقوم بأعمال سحرية.”

كما تتشارك إسرائيل ودول الخليج نفس المصلحة في مواجهة ما يعتبروه تزايد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. لذا ففي الوقت الذي ثارت فيه النزاعات بين الجانبين في العلن – فقد كانت عملية”الرصاص المصبوب” العسكرية الإسرائيلية قد حصدت للتو أرواح أكثر من 1400 شخص في قطاع غزة، وأدانتها السعودية في رسالة إلى الأمم المتحدة العملية واصفة إياها بـ “العدوان الشرس” – فقد تمتعا بـ “علاقات شخصية جيدة” وراء الأبواب المغلقة، حسبما قال هداس، وفقا لأحد الوثائق. وورد أن هداس أضاف أن دول الخليج لا تزال “غير مستعدة للقيام علنا ​​بما تقوله في السر.”

وبالانتقال ست سنوات إلى الأمام ، يبدو كما لو أن دول مجلس التعاون الخليجي قد أعدت نفسها أخيرًا أن تخرج للعلن في علاقتها الحارة مع إسرائيل. في فاعلية في مجلس العلاقات الخارجية هذا الأسبوع في واشنطن، كتب عنها إيلي ليك من “بلومبرج”، لم يكتف كبار المسؤولين السعوديين والإسرائيليين السابقين بمشاركة المسرح، بل كشفوا أيضًا أن البلدين قد عقدوا سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى لمناقشة الأهداف الاستراتيجية المشتركة، وخاصة حول الصعود الإقليمي لإيران. في هذه الفاعلية، دعا الجنرال السعودي السابق أنور عشقي علنا ​​لتغيير النظام في إيران، كما تحدث السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، دوري جولد – الذي كان يومًا ما أشد المنتقدين السعودية- عن تواصله مع المملكة في السنوات الأخيرة، وعن إمكانية حل الخلافات المتبقية بين البلدين، قائلا: “وقوفنا اليوم على هذه المسرح لا يعني أننا قد حللنا جميع الخلافات التي تقاسمتها بلدانا على مر السنين، ولكن أملنا هو أن نكون قادرين على معالجتها بشكل كامل في السنوات المقبلة.”

لطالما كانت العلاقات مع اسرائيل خارج السياق بالنسبة للدول العربية. بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948 وما ترتب عليه من تشريد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، حافظت دول الشرق الأوسط الأخرى على موقف العداء العام نحو إسرائيل، وذلك تمشيا مع الرأي العام المحلي السائدمنذ فترة طويلة. على الرغم من أن بلدان مثل مصر، في ظل الديكتاتورية العسكرية، قد أبرمت معاهدات سلام رسمية مع إسرائيل في تحد لمشاعر الشعب، فقد ظلت دول الخليج بمعزل عن ذلك أغلبية الوقت.

إلا أنه في السنوات الأخيرة، فقد دفعت الظواهر المزدوجة للثورات العربية والنفوذ الإيراني المتزايد قادة دول مجلس التعاون الخليجي ليقتربوا من إسرائيل. في العام الماضي، أخذ الأمير السعودي تركي بن ​​فيصل خطوة غير مسبوقة بنشر افتتاحية في صحيفة اسرائيلية كبيرة في دعوة إلى السلام بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكما انتهجت الولايات المتحدة في ظل إدارة أوباما مناخًا من التهدئة مع إيران في السنوات الأخيرة، ظهرت تقارير أيضا تدل على التعاون الأمني ​​السري بين اسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي. وثق الموقع الإخباري الذي يهتم بصحافة التحقيقات “ميدل إيست آي” مؤخرًا وجود رحلات جوية سرية عادية بين أبوظبي وتل أبيب، على الرغم من الحظر المزعوم على المواطنين الإسرائيليين لدخول دولة الإمارات العربية المتحدة.

في كتابه الذي صدر عام 2012 “بعد الشيوخ: انهيار ممالك الخليج القادم”كتب البروفيسور كريس ديفيدسون من جامعة دورهام أن دول الخليج سوف تستمر في السعي خلف الدعم الإسرائيلي بفضل تزايد الضغوط الخارجية على دول الخليج في أعقاب الاضطرابات الإقليمية. حتى في الوقت الذي يصف فيه دول مجلس التعاون الخليجي على أنها تتكون من “سكان وطنيين يكونون في أغلب الأحيان معادين لإسرائيل ومؤيدين للفلسطينيين، حيث غالبا ما تثير فيهم موضوعات إسرائيل والصهيونية مشاعر قوية،” يوثق الكتاب زيادة التنسيق الاقتصادي والسياسي السري بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم الإسرائيليين في السنوات الأخيرة.

إلا أن هناك مؤشرات على أن المشاعر المعادية لإسرائيل بين شعوب تلك البلدان قد تتحول. في استطلاع حديث للرأي العام السعودي أجراه الطلاب في جامعة هرتسليا الإسرائيلية، وجد أن أقلية من الجمهور السعودي ينظرلإسرائيل كتهديد كبير لبلادهم، ووجدوا إما إيران أو الدولة الإسلامية الوليدة كسبب أهم للقلق. وقال أليكس مينتز من هرتسيليا، الذي ساعد في الإشراف على الاستطلاع: “ما نعتقده هنا في إسرائيل عن السعوديين ليس بالضبط ما هم عليه.” وأضاف: “نحن نفترض أننا نعرف كيف يفكر الناس في ايران وغزة والسعودية ، [لكن] لا يوجد أحد تحدثت إليه اعتقد أن السعوديين سيقولون بفارق 3 إلى 1 ان إيران تخيفهم أكثر من إسرائيل، لم يتنبأ أحد بذلك.”

مع سعي إدارة أوباما لإبرام اتفاق نووي مثير للجدل مع إيران الشهر المقبل، يبدو من المعقول أن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة- دول الخليج العربي وإسرائيل- المتحدين في معارضتهم للصفقة، سيستمرون في زيادة تنسيقهم الاستراتيجي. القرار الأخير الذي اتخذه مسؤولين سابقين رفيعي المستوى يمثلون مصالح الخليج وإسرائيل بإعلان تعاونهما ليس سوى أحدث إشارة على قوة هذا التحالف المزدهر. وبالنظر إلى أن ازدهار هذه العلاقة على خلفية الأزمة التي لا تزال جارية بين إسرائيل وفلسطين، فضلا عن صعود الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل نفسها، يبدو واضحا أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي قد قررت في أعقاب الربيع العربي وضع المصالح السياسية الضيقة الخاصة بهم فوق أي مبادئ المعلنة حول الاستقرار في المنطقة.

Source Link

”المملكة“ و”الخلافة“: كفاح السعودية الداخلي ضد الدولة الإسلامية

ملأت صورهم الصحف المحلية كما تم بثها عبر التلفزيون الحكومي. وعُرض مبلغ خمسة ملايين ريال (1.3 مليون دولار أمريكي) بمثابة مكافأة للحصول على أي معلومات تؤدي إلى إلقاء القبض عليهم. وتم إبلاغ العائلات بأن أبناءهم أو أبناء عمومتهم مطلوبون. هناك 16 مطلوبا بتهمة التورط في سلسلة من التفجيرات الانتحارية في المملكة العربية السعودية في شهر مايو/أيار، وقد تعهدت الحكومة بأنه لن يهدأ لها بال حتى تلقي القبض عليهم جميعا.

وعلى مدى الأشهر الثمانية الماضية، ألقت السلطات في المملكة العربية السعودية القبض على 1059 من الرجال بدعوى ارتباطهم بجماعات إرهابية، بما في ذلك خلايا محلية رُبط بينها وبين «الدولة الإسلامية». وجاء الاجتياح عقب سلسلة من الهجمات المنسوبة إلى «الدولة الإسلامية»، كانت أكثر فتكا واستهدفت أحياء شيعية في المملكة العربية السعودية. وفي الشهر الماضي، استهدفت الهجمات الانتحارية المساجد الشيعية في محافظتي القطيف والدمام، مخلفة ما يزيد على  21 و4 قتلى على التوالي. وفي نوفمبر / تشرين الثاني لقي 11 شخص مصرعهم برصاص رجال ملثمين في حي شيعي في الأحساء.

وفي الوقت الراهن، تقول السلطات إن «الدولة الإسلامية» ومن يسيرون على نهجها باتوا أكثر خطرا وإزعاجا بالنسبة لأمن البلاد. ولكن مع كل هجوم، تزداد الرغبة في العنف وتكبر الدائرة تدريجيا ويصبح من الصعب عزل الأمر أو تحجيمه. وبدلا من ذلك، يتساءل المحللون الآن إذا كانت المملكة العربية السعودية تستعد لموجة أخرى من انعدام الأمن، مماثلة لتلك التي ضربت البلاد بين عامي 2003 و 2007، عندما أطلق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، المجموعة التي ولد من رحمها تنظيم «الدولة الإسلامية»، سلسلة من الهجمات داخل السعودية.

وتقول وزارة الداخلية إن معدلات تجنيد الجماعات المتطرفة الآن في ارتفاع إلى مستوى غير مسبوق لم يحدث من قبل. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء التركي لـ«جلوبال» في مقابلة الشهر الماضي، «منذ عام 2006 وعام 2007 ولت الجرائم الإرهابية تقريبا، نحن لم نواجه أي شيء. بالفعل في العام الماضي رصدنا زيادة كبيرة جدا لتجنيد أشخاص بهدف تنشيط الإرهاب في المنطقة».

وخلال هذا العقد منذ هجوم تنظيم القاعدة، حققت المملكة العربية السعودية تغييرات جذرية في محاولة لتجنب تكرار الأمر. لقد باتت وزارة الداخلية أكبر وأكثر مهارة في تتبع المشتبه بهم. وقد خففت المدارس بعض المناهج الدينية المتطرفة، والتي كان النقاد قد ذكروا إنها تجعل من التلاميذ لقمة سهلة للمجموعات الإرهابية التي تسعى لاستقطابهم إلى صفوفها. ولكن البعض هنا حذر من أن المملكة العربية السعودية باتت أكثر عرضة للخطر مما كانت عليه في السابق، وذلك بفضل الخطاب الديني الطائفي، وما يحدث هو أن هناك حالة من الاستغلال لفقاعة الشباب العاطلين عن العمل، والسياسات الإقليمية المضطربة من قبل المتطرفين.

ما الذي تريده «الدولة الإسلامية» في السعودية؟

يبدو من الغريب في البداية أن الدولة الأكثر صرامة في تطبيق الشريعة الإسلامية ستكون في مرمى مجموعة مسلحة تدعي أنها تريد نفس الأمر. ولكن هذه المنافسة هي أحد الأسباب التي تقف خلف شراسة المعركة.

وتستمد المملكة العربية السعودية قوانينها من القرآن الكريم، وتمت صياغة الدولة الحديثة من خلال شراكة وثيقة بين الأسرة الحاكمة والنخبة الدينية السلفية، والتي تعرف اليوم باسم الوهابية، نسبة إلى مؤسس المدرسة «محمد بن عبد الوهاب».

ولا تتبع «الدولة الإسلامية» المدرسة الوهابية، ولكن أيديولوجيتها السلفية المتطرفة تحمل نفس الفكرة والشبه قوي، ولا سيما في إنفاذ الآداب العامة. ولكن كما قال تنظيم القاعدة قبل ذلك: إن القادة السعوديين أقرب إلى الغرب من الإسلام، وسقطوا في بحر الرذيلة.

«لقد تعرض حكام الجزيرة العربية للخزي والحط من شأنهم وفقدوا شرعيتهم المزعومة»؛ هكذا قال أبو بكر البغدادي في رسالته الصوتية الأخيرة، وفقا لترجمة المؤرخ «بيتر فان أوستيين». وفشل القادة السعوديون، على حد زعمه، في حماية الفلسطينيين وانغمسوا في «المخدرات والدعارة والرقص والاحتفالات».

الآن، تسعى «الدولة الإسلامية»، بعد إعلانها عن إقامة الخلافة للسيطرة على المملكة العربية السعودية؛ وخاصة المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، أهم مدينتين بالنسبة للمسلمين السنة. نقل المعركة إلى المملكة خطوة واضحة.

«داعش» يستخلص الدروس من العراق

من الناحية التكتيكية؛ يبدو أن هذا يكون بالاعتماد على استراتيجية قادت هجماتها منذ تأسيس الجماعة تحت اسم تنظيم القاعدة في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي. وبصفتها جماعة سنية، فقد شن المسلحون موجة من التفجيرات الانتحارية ضد مساجد وأضرحة وأسواق شيعية، ما يهدد بقذف البلاد في أتون حرب أهلية عما قريب.

ومن جانبه، قال «توبي ماثيسن» زميل أبحاث في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب (السعوديون الآخرون: التشيع والمعارضة والطائفية)، «كان هدفهم المحدد هو استهداف الشيعة لبدء حرب طائفية في العراق. إن السنة في العراق لم يكن لديهم أي خيار آخر سوى الاعتماد على (القاعدة)، واعتمد الشيعة أيضا على هويتهم الطائفية».

وإلى حد كبير؛ عملت هذه الاستراتيجية في عام 2006 وعام 2007. كما نجحت مرة أخرى خلال العام الماضي، حيث اجتاحت «الدولة الإسلامية» عبر المناطق السنية في العراق، مستفيدة من المظالم الطائفية.

وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، فازت حكومة «نوري المالكي» السابقة والتي كسبت سمعة سيئة خاصة فيما يتعلق بالمحسوبية والطائفية. وذهبت الوظائف والخدمات الحكومية في الغالب إلى الشيعة. وقطعت الدعم السابق لرجال القبائل السنية التي تحارب تنظيم القاعدة. وعندما تجمع محتجون سنة للتعبير عن مظالمهم في عام 2013، أخمدت بغداد المظاهرات السلمية بعنف في ذلك الحين. واجتاحت «الدولة الإسلامية» الموصل في الصيف الماضي بكل سهولة، وذلك جزئيا بسبب المليشيات المحلية التي وقفت إلى جانب المسلحين ضد الحكومة التي يقودها الشيعة.

وفي سوريا، القاعدة الأساسية للدولة الإسلامية، تتحدث المجموعة أيضا بحديث طائفي لمجنديها المحليين والأجانب: جماعة «بشار»، العلويون المدعومون من شيعة إيران وحلفاؤها وحركة حزب الله اللبنانية، تقصف السكان السنة وتوقع عليهم ظلما شديدا.

بدء حرب طائفية سيكون أمرا بالغ الصعوبة في المملكة العربية السعودية، حيث إن الشيعة فقط يمثلون حوالي 10% من السكان. لكن المحللين ما زالوا يقولون إن «الدولة الإسلامية» قد تزعزع استقرار المملكة بطرق غير متوقعة.

«من الممكن حقا أن يكون هناك مزيد من الهجمات على الشيعة»؛ بحسب «ماثيسن». وبدأت المجتمعات الشيعية، في الوقت نفسه، تنظيم مجموعات الدفاع عن النفس الصغيرة لحماية المواقع الدينية. «لا أعتقد أننا سنشهد حربا طائفية، ولكن إذا ساء الأمر عما هو عليه الآن، قد نحصل على أكثر من هذا الدفاع عن النفس المنظم».

وربما أكثر ما يزعج هو أن هذه الهجمات الطائفية قد تشعل موجة من التطرف الداخلي. وقد كان للصراعات في كل من العراق وسوريا جاذبية عاطفية قوية في جميع أنحاء المنطقة، حيث تنقل شاشات التلفزيون يوميا أشرطة فيديو لعمليات قصف الأسد للمدنيين، والمليشيات الشيعية العراقية وهي تعذب الأسرى السنة.

«هناك من يصلي لأجل للدولة الإسلامية ويدعو لها؛ لأنه بالنسبة للشعوب السنية في العراق، فإن هذه هي المجموعة الوحيدة التي تقاتل من أجل مستقبلهم»، على حد تعبير أكاديمي سعودي، رفض الكشف عن اسمه بسبب الحساسيات الأمنية، مضيفا «هذا هو الخيار الوحيد».

المصدر | جلوبال بوست

التفاوض بشأن السلام اليمني: انقسامات عميقة وحقائق صعبة

غيّر الفصيل السعودي المؤيد لـ«عبد ربه منصور هادي» موقفه، ووافق على عقد اجتماعات في جنيف في 14 يونيو/حزيران، بعد أن رفض هذا الفصيل في البداية دعوة الأمم المتحدة لإجراء محادثات. وكان الأمين العام «بان كي مون» قد دعا لإجراء مفاوضات بين جميع الفصائل اليمنية دون شروط مسبقة، وأصر على أن الحل الوحيد للأزمة في اليمن عن طريق محادثات سياسية. ووافقت كل من إيران و«على عبدالله صالح» وزعيم الحوثيين «عبدالملك الحوثي» [أعلن الحوثيون اليوم السبت تراجعهم عن المشاركة – الخليج الجديد]، ولكن فصيل «هادي» يخشى أن محادثات الأمم المتحدة من شأنها أن تضفى شرعية على الهيمنة الحالية للحوثيين وقوات «صالح» وأصدقائهم الإيرانيين.

وكان «هادي» قد أصر قبل المحادثات على أنه على الحوثيين تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يدعو القوات الحوثية إلى الانسحاب من جميع المدن اليمنية، وإعادة جميع المعدات التي أخذت من الجيش اليمني. ومع العلم أن الحوثيين لن يوافقوا على هذه الشروط، سعى «هادي» وحلفاؤه من السعوديين إلى تغيير ميزان القوى في اليمن من خلال إعطاء المزيد من الوقت للمقاومة المسلحة لتحقيق مالم تفعله الحملة الجوية السعودية التي سميت باسم «عاصفة الحزم». وسواء كانت نتيجة المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة في مسقط أو إدراك أن قوى المقاومة داخل اليمن لن تكون قادرة على تحقيق مكاسب كبيرة، فإن «هادي» والسعوديين وافقوا الآن على الاجتماعات.

وفي 23 مايو/أيار؛ غادرت طائرة عمانية من اليمن متجهة إلى عمان، بإذن من السعودية، تحمل كبار المفاوضين الحوثيين ومن بينهم رئيس المكتب السياسي للحوثي والناطق الرسمي باسم الحوثيين. وذكرت تقارير أن وزير الخارجية الإيراني التقى الوفد أثناء إبرام المعاهدة مع عمان، وكان العمانيون يعملون على التوصل إلى وقف إطلاق النار في اليمن. ولكن على ما يبدو أن المفاوضين الرئيسيين كانوا أمريكيين. وعقدت مسؤولة وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى «آن باترسون» محادثات مع ممثلي الحوثي فضلا عن ممثلين من الجنوب. ويبدو أن المحادثات قد سهلت عودة الجانب السعودي إلى طاولة المفاوضات، ولكن لاتزال هناك عقبات كبيرة قبل أن يتم التوصل إلى تسوية.

وتعتبر قوات الحوثي وحليفهم «صالح» معزولة ماديا بسبب الحصار البحري والجوي ومعزولة دبلوماسيا بسبب الدعم الدولي لـ«هادي»، ولكنهم مازالوا يسيطرون على جزء كبير من اليمن. إنهم يريدون ضمان لأمنهم في مرحلة ما بعد الحرب بالإضافة إلى وزنهم السياسي في الشمال. وبعد النجاة من الحملة الجوية العقابية، فإن الحوثيين لديهم ثقة قليلة في السعوديين وداعميهم في اليمن. السعودية وحلفاؤها اليمنيون يريدون إعادة تأسيس مبادرة مجلس التعاون الخليجي في اليمن، وإعادة «هادي» رئيسًا ونزع سلاح الحوثيين.

وفي الوقت الراهن؛ لدى الحوثيين حافز قليل لنزع السلاح. وفي الجنوب؛ ترفض معظم قوى المقاومة المفاوضات قبل تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 2216، الذي يدعو إلى انسحاب الحوثيين، وفي المقابل يرفض الجنوب حكومة «هادي». وتنذر الفجوة الواسعة بين المواقف بمفاوضات مطولة دون الكثير من الحلول على أرض الواقع، في الوقت الذي تتطور فيه أزمة إنسانية واسعة النطاق تنمو بسرعة الصاروخ.

ما الذي تريده السعودية؟

بالنسبة للسعوديين، الحرب ليست خاصة باليمن في حد ذاتها، ولكن في وأد أو إضعاف أي نفوذ إيراني يبدأ من اليمن، وتثبيت نظام صديق للسعودية هناك. ولا يرفض السعوديون الوجود الإيراني في اليمن فحسب، ولكنهم أيضا يريدون إعادة حكومة «هادي» التي أطيح بها، وإعادة ترتيب الأوضاع التي فرضها الحوثيون على المشهد السياسي اليمني. وفي الشمال؛ يقيم الحوثيين تحالفا مع أولئك الذين يعارضون قيادة الأحمر لاتحاد حاشد القبلي وحزب الإصلاح. لذلك ترغب السعودية في إعادة تثبيت قيادة الأحمر وإعادة دور الإصلاح في السياسة اليمنية.

وإلى حد كبير؛ فإن الإصلاح هو الحزب السياسي الوحيد الذي أعلن رسميا دعمه للحملة العسكرية التي تقودها السعودية. «محمد على المقدسي»، مساعد «علي محسن الأحمر»، هو ركيزة من ركائز حزب الإصلاح. وقد فر إلى السعودية في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، ويقود جهود إعادة بناء الجيش اليمني المتحالف مع السعوديين، في عملية أطلق عليها «سيوف الحزم».

وللإيرانيين دور محدود في اليمن، فبعدما استولى الحوثيون على صنعاء، قامت إيران بتأسيس رحلات جوية تجارية مع اليمن، ووعدت ببرنامج مساعدات وتنمية على نطاق واسع، لكن الروابط  الجوية تحققت فقط لفترة قصيرة قبل أن يغلق المطار بسبب ضربات التحالف. تم ردع السفن الايرانية التي كانت تنطلق إلى اليمن بواسطة الحربية الأمريكية في خليج عدن. وتعلن وكالات الأنباء الداعمة للمقاومة المسلحة داخل اليمن أحيانا عن قتلى وأسرى أو مشاهدة مستشارين عسكريين إيرانيين، ولكن وجود دليل موثوق على مشاركة إيران في القتال هو شيء نادر. الإيرانيون هم حلفاء الحوثي الدوليون فقط، وحثوا الفصائل المتحاربة في اليمن على الذهاب إلى طاولة المفاوضات.

الوضع الميداني

وعقد السعوديون، الذين يحاولون استباق مفاوضات الأمم المتحدة، نسختهم الخاصة من المفاوضات في الرياض في منتصف شهر مايو/أيار، ولكنها لم تضم الحوثيين أو حلفاء «صالح». وينص البيان الختامي لمؤتمر الرياض على أنه لابد من عودة صعدة إلى ما قبل 2004. خرق السعوديون في البداية جهود الأمم المتحدة في المفاوضات أملا في بناء قوة برية فعالة في اليمن لهزيمة صالح والحوثيين، حيث فشلت الحملة الجوية السعودية في عكس سيطرة الحوثيين عسكريا على معظم المدن اليمنية. ولا تزال قوات الحوثي والمتحالفين معهم راسخة في عدن ولحج وتعز وشبوة وأبين. وأبطأت المقاومة المحلية تقدم الحوثيين في مناطق عدة وحتى تمكنوا من عكس مكاسب الحوثيين في بعض الأماكن مثل  الضالع، ولكن الحملة الجوية لم تمنع الحوثيين من إعادة تمويل قواتهم والتحرك بحملتهم في الجنوب والشرق.

المقاومة لقوات الحوثيين و«صالح» ضعيفة. في عدن، أفادت تقارير بأن الأسلحة التي أرسلت للمقاومة من السعوديين انتهى بها المطاف في السوق السوداء، حيث كانت تضطر المقاومة لشراء الأسلحة. وفي تعز؛ انسحب مقاتلو المقاومة على جبل صابر الاستراتيجي بعد أن نفدت ذخائرهم، ولم تلق مناشدتهم الرياض للتموين آذانا صاغية في الوقت المناسب.

ولكن الأهم من ذلك أن المقاومة تفتقر إلى التماسك. معظم القتال في الجنوب، حيث الناس متناقضة حول قيادة «هادي» ويشككون في نوايا الرياض. قدم «هادي» الكثير من الوعود إلى الجنوب خلال فترة ولايته في إطار العملية الانتقالية المدعومة من دول مجلس التعاون الخليجي، لكن لم ينجز سوى القليل جدا. هناك انقسام وسط قيادة الحراك الجنوبي. يرى البعض غزو الحوثيين على أنه غزو شمالي آخر للجنوب ومن ثم يقاتلون، ولكن البعض الآخر ما بين هادئ صامت واضعا سيفه في غمده أو حتى يدعم الحوثيين. ووصف أحد قادة الحراك الجنوبي جيش «هادي» الجديد في حضرموت بأنه «خطر على الجنوب»، والآن يرفض بعض قادة الحراك مشاركة «هادي» في محادثات جنيف؛ لأنهم يدعون أن الحوثيين سوف يستغلون فقط المحادثات لتعزيز الهيمنة العسكرية على اليمن. على الرغم من أن الرئيس السابق لجنوب اليمن «علي سالم البيض» حول مؤخرا ولاءه إلى الرياض، إلا إنه رفض حضور مؤتمر الرياض جنبا إلى جنب مع العديد من القادة الجنوبيين الآخرين.

ويشمل الجيش اليمني في الصحراء الشرقية، الذي تم تشكيله لبدء هجوم بري، العديد من القادة القدامى الذي غزوا الجنوب في عام 1994، وتسببوا في الفوضى التي لم يستطع أحد أن ينهيها أو يحلها حتى الان. وفي بقية اليمن؛ يشمل تحالف «هادي» العديد من الذين كانوا جزءا من نظام «صالح» القديم والذين غيروا ولاءهم في اللحظة الأخيرة مع غرق «صالح». استبدال الحوثيين و«صالح» بنظام آخر لا يقوم بواجباته ومهامه، ولكنه في الوقت ذاته أكثر توافقا مع الرياض، لا يروق لكثير من اليمنيين.

معاناة اليمنيين

ومع ذلك، فإن الحكم القمعي للحوثيين هو بالتأكيد ليس بديلا جذابا. ويمارس الحوثيون ضد خصومهم السياسيين قسوة دأبوا على إظهارها أثناء حروب العقد الماضي. واعتاد الحوثيون بشكل منتظم خطف المعارضين السياسيين، ونسف البيوت والمساجد، وقمع الصحفيين والمواقع الإخبارية المعارضة لهم. بل إن الحوثيين استخدموا قادة التجمع اليمني للإصلاح البارزين كدروع بشرية. وقتل «أمين الرجاوي» رئيس المكتب السياسي للتجمع اليمني للإصلاح، في غارة جوية سعودية في ذمار أثناء احتجاز الحوثيين له. وعلى الرغم من أن الحوثيين وصلوا إلى السلطة واعدين أنهم سينفذوا نتائج الحوار الوطني ويقهروا الفساد وعدم الكفاءة التي عانت منها حكومة «هادي»، إلا إن سلوك الحوثيين أظهر بوضوح أن ثورة الحوثيين إنما تخص وصول الحوثي للسلطة بدلا من تغيير في أسلوب الحياة السياسية في اليمن.

وعلاوة على ذلك؛ فإن اليمنيين يعانون من قصف قوات التحالف والحصار الذي يمنع استيراد المواد الغذائية والدواء والوقود. وحتى الآن أثمرت جهود الإغاثة قليلا بالنسبة لمعظم اليمنيين. وقد رست معظم سفن الإمدادات في الحديدة، حيث يسيطر الحوثيون على توزيع الإمدادات، وشهدت المناطق الجنوبية الأكثر تضررا من القتال قليلا في طريق الإغاثة. ويستخدم الناس الحمير للنقل في صنعاء بسبب نقص الوقود. وحذر محافظ حضرموت، «عادل باحميد»، من انهيار وشيك للمحافظة تحت عبء ثقيل من اللاجئين الفارين من القتال وأزمة صحية تنتشر بسرعة، بما في ذلك انتشار حمى الضنك. واضطر «باحميد» إلى الفرار من العاصمة حضرموت والمكلا، بعد سيطرة تنظيم القاعدة على المدينة.

وفي أحسن الأحوال، فإن محادثات جنيف تتيح مجالا لجهود إغاثة أكثر فعالية لتخفيف المعاناة الحادة في اليمن. وتواجه التسوية السياسية العديد من التحديات الصعبة، وسوف يتطلب عدة أشهر طويلة من التفاوض الصعب. وقسمت الحرب اليمن على نحو فعال إلى منطقة يسيطر عليها الحوثيون، ومنطقة تسيطر عليها المقاومة الجنوبية، ومنطقة ثالثة تتكون من الصحراء الشرقية والمناطق الوسطى؛ تعز وإب. قيادة الحوثيين في منطقة واضحة، ولكن التنافس على أشده بين الفصائل الأخرى للسيطرة على المنطقتين الأخيرتين. التسوية السياسية التي تتيح إعادة بناء الجيش الوطني، والمصادقة على الدستور، والاتفاق على لجنة انتخابية، وإجراء انتخابات شرعية ما زالت بعيدة جدا في الأفق بصورة لا تمكننا من أن نستشف حقيقتها بوضوح.

المصدر | معهد الشرق الأوسط

فورين بوليسي تسأل: ماذا سنفعل إن انتصر تنظيم الدولة الإسلامية؟

حان الوقت للتفكر مليا في إحتمالية مقلقة، ماذا يجب أن نفعل إن انتصر تنظيم الدولة الإسلامية؟ لا أقصد بالـ”انتصار” أن ينتشر كالنيران المستعرة في أنحاء العالم الإسلامي، لينشأ في النهاية خلافة تمتد من بغداد إلى الرباط، أو إلى ما هو أبعد من ذلك. يقول قادة التنظيم إنهم سيحققون ذلك، ولكن الطموحات ليست حقيقة، وتلك الاحتمالية تحديدا بعيدة المنال. بل أقصد أن يحتفظ التنظيم بقوته في المناطق التي يسيطر عليها حاليا، وأن يتحدى بنجاح الجهود الخارجية لـ”إضعافه وتدميره”. إذن فالسؤال هو: ماذا سنفعل إن أصبح تنظيم الدولة الإسلامية دولة حقيقية وأظهر قدرة حقيقية على الصمود؟

تبدو تلك الاحتمالية أكثر ترجيحا هذه الأيام، في ضوء عجز بغداد عن تنفيذ هجوم مضاد ناجح. فإن كان باري بوسن، الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، محقا، (وهو عادة محق)، فإن الجيش العراقي لم يعد موجودا كقوة مقاتلة لديها هدف. لا يكشف ذلك فقط عن إفلاس الجهود الأمريكية لتدريب القوات العراقية  (والفشل الجماعي لجميع القادة الذين قادوا تلك الجهود وظلوا يقدمون تقديرت متفائلة عن مدى التقدم)، بل يعني أيضا أن التدخل الخارجي الوحيد واسع النطاق سيكون على الأرجح لصد التنظيم وتدميره في النهاية. لن يحدث ذلك مالم يتفق تحالف من الدول العربية على تقديم الآلاف من قواتهم في المعركة، لأن الولايات المتحدة لن تقاتل، ولا يجب أن تقاتل، عن الدول التي تتجاوز مصلحتها في النتيجة المصلحة الأمريكية.

لا أود أن يساء فهمي – فسأكون مسرورا مثل الجميع إن هزم التنظيم على نحو حاسم وفقدت رسالته العنيفة مصداقيتها. لكن يجب ألا نخطط للنتائج التي نتطلع إليها فقط، بل وللاحتمالية الحقيقية جدا أننا لا نستطيع أن تحقيق هدفنا – أو على الأقل مقابل الثمن الذي نعتبره مقبولا.

إذن فماذا سنفعل إن نجح التنظيم في الحفاظ على أراضيه وأصبح دولة حقيقية؟ يقول بوسين إن الولايات المتحدة (وكذلك الأطراف الأخرى) يجب أن يتعاملوا مع الدولة الإسلامية بذات الطريقة التي تعاملت بها مع الحركات المتمردة الأخرى التي سعت لبناء دول، عبر سياسة الإحتواء. وأنا اتفق معه.

رغم تعطشه للدماء وتكتيكاته البشعة، لا يمثل تنظيم الدولة الإسلامية في الواقع لاعبا عالميا قويا. تجذب رسالته المتطوعين من بين الشباب المهمش في الدول الأخرى، ولكن اجتذاب حوالي 25,000 من التابعين ضعيفي التدريب من بين 7 مليار نسمة ليس أمرا خطيرا للدرجة. بل قد يمثل الأمر مكسبا صافيا إن ترك هؤلاء الأشخاص بلادهم الأصلية واختبروا الوقائع القاسية للحكم الجهادي. سيدرك بعضهم أن تنظيم الدولة الإسلامية وحشي وظالم ومجهز لتنفيذ الكوارث: وسيكون البقية منعزلين ومحتوين في بقعة واحدة بدلا من أن يثيروا المشكلات في بلادهم.

على نحو أكثر أهمية، يمثل العدد القليل نسبيا من الأجانب المتدفقين للحرب تحت شعار الدولة الإسلامية فصيلا ضئيلا فقط من مسلمي العالم، وتظهر الرسالة الجهادية المتشددة مؤشرات قليلة بشأن كسب دعم كبير وسط الأمة الإسلامية الكبيرة والمتنوعة.

لا أفكر بسذاجة. ولكن المسافرين التابعين للتنظيم سينفذون بلا شك أعمال إرهابية وسيتسببون في أنواع أخرى من المشكلات في أماكن عديدة. لكن ذلك بعيد تماما عن أن يتمكن التنظيم من الانتشار بشكل عشوائي في أنحاء العالم الإسلامي. يحتمل بشكل واضح أن يتسبب التنظيم في مشكلات خارج المساحة الصحراوية التي يتحكم فيها حاليا، لكنه لم يظهر بعد قدرة كبيرة على التوسع خارج المناطق السنية التي يشعر سكانها بالاستعداء في غربي العراق وشرقي سوريا.

علاوة على ذلك، تحوي أراضي الدولة الإسلامية القليل من الموارد، وقوة صناعية ضئيلة. كما أن قواته العسكرية، رغم قيادتها القوية، لا ترقى إلى مستوى القوة العظمى (أو حتى القوة الإقليمية). يواجه التنظيم مقاومة قوية كلما حاول أن يتحرك خارج المناطق السنية (مثلما حدث في كردستان أو بغداد ذات الهيمنة الشيعية)، حيث لا يمكنه أن يستغل السخط المحلي ضد بغداد أو دمشق.

يواجه التنظيم عقبة أخرى هامة، فلم يعد يتمتع بميزة المفاجأة. ظهر التنظيم بشكل مفاجئ وسط الفوضى التي تبعت اجتياح العراق والحرب الأهلية السورية، كما ميزه الزواج المتطرف غير المتوقع بين الإسلام والمسؤولين السابقين البارزين بحزب البعث، الذين عرفوا كيفية إدارة دولة بوليسية. وقد كان ذلك الخليط فعالا بشكل مفاجئ، مثلما كان الجيش العراقي (بشكل مفاجئ أيضا) فاسدا ولا يعتمد عليه. ولكن احتمالية أن يتسبب التنظيم في مشكلات الآن أصبحت واضحة، والدول العربية، من الخليج العربي إلى مصر وما أبعد من ذلك، ستتخذ إجراءات كبيرة لتضمن عدم اتخاذ نموذج الدولة الإسلامية لقواعد في مجتمعاتهم. (الأمر مختلف في ليبيا، بعد التدخل الغربي الطائش هناك، ولكن ظهور نسخة للتنظيم هناك يمثل أيضا مشكلة يمكن احتوائها).

والآن فلنستخدم بعض الخيال. لنفترض أنه قد تم احتواء التنظيم، لكن لم تتم الإطاحة به، سيؤدي ذلك في النهاية لإنشاء مؤسسات حاكمة دائمة. حسبما يلائم تنظيم بني جزئيا على الإجرامية البعثية، فإنه ينشئ بالفعل الهياكل الإدارة لإقامة دولة، حيث يجبي الضرائب، يراقب الحدود، يبني جيش، يستميل الجماعات المحلية، إلخ. يقر بعض جيران التنظيم بذلك الواقع تكتيكا عبر غض البصر عن عمليات التهريب التي تبقي على تجارة التنظيم نشطة. في حال استمرار ذلك، فكم من الوقت سيمر قبل أن تبدأ دول أخرى في الاعتراف بـ”الدولة الإسلامية” كحكومة شرعية؟

قد يبدو ذلك منافيا للعقل، ولكن تذكر أن المجتمع الدولي قد حاول أحيانا أن ينبذ حركات تمردية، واعترف بهم على مضض بمجرد إثبات قوتهم على الصمود. رفضت القوى الغربية الاعتراف بالاتحاد السوفيتي لبعض السنوات بعد الثورة البلشفية عام 1917، ولم تعترف به الولايات المتحدة حتى عام 1933. بشكل مشابه، لم تدشن الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية كاملة مع حكومة أحد أكثر دول العالم سكانا – الجمهورية الصينية الشعبية – حتى عام 1979، بعد مرور 30 عاما على تأسيسها. في ضوء تلك السوابق (وغيرها)، هل يمكننا التأكد من أن الدولة الإسلامية قد لا تصبح يوما ما عضوا شرعيا في المجتمع الدولي وحاصلة على مقعد في الأمم المتحدة؟

ربما سترى أن السلوك الهمجي للتنظيم – المشتمل على استعباد النساء، تعذيب المدنيين، قطع رؤوس الرهائن – سوف يقصيه للأبد خارج مجتمع الدول المتحضرة. أليس من المرجح أن قادة التنظيم سينتهي بهم الأمر في قفص الاتهام بالمحكمة الجنائية الدولية بدلا من إلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ سيكون من اللطيف أن تفكر في ذلك، ولكن التاريخ يشير إلى درس أكثر إثارة للسخرية.

هؤلاء المترفين والبريطانيين الذين نستمتع بمشاهدتهم في مسلسل “داونتون آبي”؟ لقد أنشأ أجدادهم المملكة المتحدة عبر الأعمال العنيفة والوحشية كالإكراه والغزو (مثلما قد يخبرك أي ويلزي أو اسكتلندي حسن الإطلاع). هؤلاء الأمريكيون البطوليون الذين وسعوا “امبراطورية الحرية” في أنحاء أمريكا الشمالية؟ لقد ذبحوا، اغتصبوا، وجوعوا الهنود الحمر لتحقيق ذلك – وجمعوا الكثير من فروات الرؤوس في طريقهم. أم البلاشفة والماويين الذين أنشأوا الاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية؟ لم يرسخوا سلطتهم عبر الإقناع بالحسنى، وكذلك الوهابيون تحت قيادة بن سعود أو الصهاينة الذين أسسوا إسرائيل. مثلما أوضح المؤرخ الراحل شارلز تيلي في علامته “الإكراه، رأس المال والدول الأوروبية“، كانت عملية بناء الدولة مشروعا وحشيا لقرون، والحركات التي بنت دولا جديدة في الماضي فعلت الكثير مما سندينه اليوم بوصفه همجيا للغاية. (دعونا لا ندعي أن مجتمعات اليوم “المتقدمة” متميزة أو أخلاقية بشكل موحد. فالبرئ الذي يتم تفجيره بواسطة هجمة درون سيئة التوجيه يمثل ضحية كحال شخص قطع تنظيم الدولة الإسلامية رأسه بوحشية).

لقد تغيرت معايير ما هو “مقبول” أن تمارسه الدولة بشكل كبير خلال القرن الماضي، لذلك نعتبر اليوم، على نحو محق، سلوك الدولة الإسلامية بغيضا. والإشارة إلى أن بناة الدول الآخرين قد تصرفوا بشكل سئ في الماضي لا يقدم عذرا ولا يبرر ما يفعله الجهاديون اليوم في العراق وسوريا. ولكن ذلك التاريخ الطويل يذكرنا بأن الحركات التي تجاوزت الحدود من قبل أحيانا ما انتهى الأمر بقبولها واعتبارها شرعية، إن نجحت في التمسك بالسلطة لفترة طويلة كفاية.

إلا أنه حتى يقبل وجودها في مجتمع الدول، تضطر الحركات المتشددة أو التمردية في النهاية للتخلي عن بعض (إن لم يكن جميع) ممارساتها الأكثر وحشية. مثلما أشار كينيث والتز منذ أكثر من 30 عاما، يتم في النهاية دمج جميع الدول المتشددة “اجتماعيا في النظام”. بمرور الوقت، يدركون أن طموحاتهم الفكرية الضخمة لن تتحقق وأن الإخلاص المتشدد تجاه أهدافهم التمردية الأصلية مكلف، غير مثمر، بل قد يكون مهددا لصمودهم على المدى البعيد. وتعلو الأصوات المطالبة داخل الحركة بإجراء تسوية، أو على الأقل بأسلوب أكثر براجماتية تجاه العالم الخارجي. فبدلا من “الثورة العالمية”، يحين الوقت لبناء “اشتراكية في إحدى الدول”. وبدلا من توسيع “الجمهورية الإسلامية”، يحين الوقت لعقد صفقات مع الشياطين الأكبر والأقل حجما. تتكيف الدولة الجديدة بشكل تدريجي مع المعايير والممارسات الدولية السائدة، وتتحول في النهاية من كونها منبوذة إلى كونها شريكة، خصوصا عندما تبدأ مصالحها في التلاقي مع مصالح الدول الأخرى. قد يكون وجود التنظيم مزعجا في السياسات الدولية، ولكنه لم يعد منبوذا. إن تمكن التنظيم من الصمود وعزز وجوده، فإن السابق يمثل توقعي لما قد يحدث.

ولكن بالتأكد عملية “الدمج الاجتماعي” لا تحدث تلقائيا. فالدول المتشددة لا تدرك أن السلوك الوحشي مكلف مالم تجمع دول أخرى قوات لفرض العقوبات الضرورية. إن نجح التنظيم في التشبث بالسلطة، تعزيز موقعه، وتأسيس دولة بحكم الأمر الواقع فيما كان سابقا جزء من العراق وسوريا، فستحتاج دول أخرى للعمل بشكل مشترك لتعليم التنظيم حقائق الحياة في المجتمع الدولي. ولأن التنظيم في الواقع ليس قويا لهذه الدرجة، فإن منعه من التوسع أو زيادة قوته وفرض تكاليف على سلوكه البغيض يجب ألا يكون بتلك الصعوبة.

وبالتالي فإن المهمة الرئيسية للدولة الأمريكية يجب أن تتمثل في تنسيق ودعم حملة دولية للاحتواء، يتخذ فيها اللاعبون المحليون مثل السعودية، الأردن، تركيا وإيران – الذين يواجهون الخطر الأكبر – دور القيادة. يشمل ذلك أيضا مساعدة الآخرين في صد جهود الدولة الإسلامية لنشر رسالته، إقناع دول أخرى بفعل المزيد لتقييد مصادر دخله، الانتظار تجاوزاته بصبر لإعقاتها من الداخل.

Source Link